كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)



وهذا كله على سبيل مجاراتهم في ادعاءاتهم لبيان ما فيها من تفكك وتهافت. وإلا فالقضية كلها مستنكرة من الأساس:
{إنكم لتقولون قولاً عظيماً}.. عظيماً في شناعته وبشاعته، عظيماً في جرأته ووقاحته، عظيماً في ضخامة الافتراء فيه، عظيماً في خروجه عن التصور والتصديق.
{ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا وما يزيدهم إلا نفورا}..
فقد جاء القرآن بالتوحيد، وسلك إلى تقرير هذه العقيدة وإيضاحها طرقاً شتى، وأساليب متنوعة، ووسائل متعددة {ليذكروا} فالتوحيد لا يحتاج إلى أكثر من التذكر والرجوع إلى الفطرة ومنطقها، وإلى الآيات الكونية ودلالتها؛ ولكنهم يزيدون نفوراً كلما سمعوا هذا القرآن. نفوراً من العقيدة التي جاء بها، ونفوراً من القرآن ذاته خيفة أن يغلبهم على عقائدهم الباطلة التي يستمسكون بها. عقائد الشرك والوهم والترهات.
وكما جاراهم في ادعاءاتهم في حكاية البنات ونسبتها إلى الله ليكشف عما فيها من تفكك وتهافت، فهو يجاريهم في حكاية الآلهة المدعاة، ليقرر أن هذه الآلهة لو وجدت فإنها ستحاول أن تتقرب إلى الله، وأن تجد لها وسيلة إليه وسبيلاً:
{قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذن لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا}..
ولو كما يقول النحاة حرف امتناع لامتناع، فالقضية كلها ممتنعة، وليس هنالك آلهة مع الله كما يقولون والآلهة التي يدعونها إن هي إلا خلق من خلق الله سواء كانت نجماً أو كوكباً، إنساناً أو حيواناً، نباتاً أو جماداً.
وهذه كلها تتجه إلى الخالق حسب ناموس الفطرة الكونية، وتخضع للإرادة التي تحكمها وتصرفها؛ وتجد طريقها إلى الله عن طريق خضوعها لناموسه وتلبيتها لإرادته:
{إذن لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا}.. وذكر العرش هنا يوحي بالارتفاع والتسامي على هذه الخلائق التي يدعون أنها آلهة {مع الله}. وهي تحت عرشه وليست معه.. ويعقب على ذلك بتنزيه الله في علاه:
{سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيرا}..
ثم يرسم السياق للكون كله بما فيه ومن فيه مشهداً فريداً، تحت عرش الله، يتوجه كله إلى الله، يسبح له ويجد الوسيلة إليه:
{تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليماً غفورا}..
وهو تعبير تنبض به كل ذرة في هذا الكون الكبير، وتنتفض روحاً حية تسبح الله. فإذا الكون كله حركة وحياة، وإذا الوجود كله تسبيحة واحدة شجية رخية، ترتفع في جلال إلى الخالق الواحد الكبير المتعال.
وإنه لمشهد كوني فريد، حين يتصور القلب. كل حصاة وكل حجر. كل حبة وكل ورقة. كل زهرة وكل ثمرة. كل نبتة وكل شجرة. كل حشرة وكل زاحفة. كل حيوان وكل إنسان. كل دابة على الارض وكل سابحة في الماء والهواء.. ومعها سكان السماء.. كلها تسبح الله وتتوجه إليه في علاه.
وإن الوجدان ليرتعش وهو يستشعر الحياة تدب في كل ما حوله مما يراه ومما لا يراه، وكلما همت يده أن تلمس شيئاً، وكلما همت رجله أن تطأ شيئاً.. سمعه يسبح الله، وينبض بالحياة.
{وإن من شيء إلا يسبح بحمده} يسبح بطريقته ولغته {ولكن لا تفقهون تسبيحهم} لا تفقهونه لأنكم محجوبون بصفاقة الطين، ولأنكم لم تتسمعوا بقلوبكم، ولم توجهوها إلى أسرار الوجود الخفية، وإلى النواميس التي تنجذب إليها كل ذرة في هذا الكون الكبير، وتتوجه بها إلى خالق النواميس، ومدبر هذا الكون الكبير.
وحين تشف الروح وتصفو فتتسمع لكل متحرك أو ساكن وهو ينبض بالروح، ويتوجه بالتسبيح، فإنها تتهيأ للاتصال بالملأ الأعلى، وتدرك من أسرار هذا الوجود ما لا يدركه الغافلون، الذين تحول صفاقة الطين بين قلوبهم وبين الحياة الخفية الساربة في ضمير هذا الوجود، النابضة في كل متحرك وساكن، وفي كل شيء في هذا الوجود.
{إنه كان حليماً غفورا}.. وذكر الحلم هنا والغفران بمناسبة ما يبدو من البشر من تقصير في ظل هذا الموكب الكوني المسبح بحمد الله، بينما البشر في جحود وفيهم من يشرك بالله، ومن ينسب له البنات، ومن يغفل عن حمده وتسبيحه.
والبشر أولى من كل شيء في هذا الكون بالتسبيح والتحميد والمعرفة والتوحيد. ولولا حلم الله وغفرانه لأخذ البشر أخذ عزيز مقتدر. ولكنه يمهلهم ويذكرهم ويعظهم ويزجرهم {إنه كان حليماً غفورا}.
ولقد كان كبراء قريش يستمعون إلى القرآن، ولكنهم يجاهدون قلوبهم ألا ترق له، ويمانعون فطرتهم ان تتأثر به؛ فجعل الله بينهم وبين الرسل حجاباً، حجاباً خفياً، وجعل على قلوبهم كالأغلقة فلا تفقه القرآن، وجعل في آذانهم كالصمم فلا تعي ما فيه من توجيه:
{وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستورا وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلاً مسحورا انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا}..
وقد روى ابن اسحاق في السيرة عن محمد بن مسلم بن شهاب عن الزهري أنه حدث أن أبا سفيان بن حرب، وأبا جهل بن هشام، والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي حليف بني زهرة خرجوا ليلة ليستمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بالليل في بيته؛ فأخذ كل واحد منهم مجلساً يستمع فيه، وكل لا يعلم بمكان صاحبه، فباتوا يستمعون له، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا، حتى إذا جمعتهم الطريق تلاوموا، فقال بعضهم لبعض: لا تعودوا فلو رآكم بعض سفهائكم لأوقعتم في نفسه شيئاً. ثم انصرفوا. حتى إذا كانت الليلة الثانية عاد كل رجل منهم إلى مجلسه، فباتوا يستمعون له، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا وجمعهم الطريق. فقال بعضهم لبعض مثل ما قاله أول مرة. ثم انصرفوا. حتى إذا كانت الليلة الثالثة أخذ كل رجل مجلسه، فباتوا يستمعون له، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا، فجمعتهم الطريق؛ فقال بعضهم لبعض: لا نبرح حتى نتعاهد لا نعود. فتعاهدوا على ذلك ثم تفرقوا. فلما أصبح الأخنس بن شريق أخذ عصاه ثم خرج حتى أتى ابا سفيان بن حرب في بيته، فقال: اخبرني يا ابا حنظلة عن رأيك فيما سمعت من محمد. قال: يا أبا ثعلبة والله لقد سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يراد بها، وسمعت أشياء ما عرفت معناها ولا ما يراد بها. قال الأخنس: وأنا، والذي حلفت به. قال: ثم خرج من عنده حتى أتى أبا جهل فدخل عليه بيته؛ فقال: يا أبا الحكم ما رأيك فيما سمعت من محمد؟ قال: ماذا سمعت؟ قال: تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف: أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فاعطينا. حتى إذا تجاثينا على الركب، وكنا كفرسي رهان، قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء.
فمتى ندرك هذه؟ والله لا نؤمن به أبداً ولا نصدقه! قال فقام عنه الأخنس وتركه..
فهكذا كان القوم تتأثر بالقرآن فطرتهم فيصدونها، وتجاذبهم إليه قلوبهم فيمانعونها، فجعل الله بينهم وبين الرسول حجاباً خفياً لا يظهر للعيون ولكن تحسه القلوب، فإذا هم لا ينتفعون به، ولا يهتدون بالقرآن الذي يتلوه. وهكذا كانوا يتناجون بما أصاب قلوبهم من القرآن، ثم يتآمرون على عدم الاستماع إليه؛ ثم يغلبهم التأثر به فيعودون، ثم يتناجون من جديد، حتى ليتعاهدون على عدم العودة ليحجزوا انفسهم عن هذا القرآن المؤثر الجذاب الذي يخلب القلوب والألباب! ذلك أن عقيدة التوحيد التي يدور عليها هذا القرآن كانت تهددهم في مكانتهم وفي امتيازاتهم وفي كبريائهم فينفرون منها:
{وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا}..
نفوراً من كلمة التوحيد، التي تهدد وضعهم الاجتماعي، القائم على أوهام الوثنية وتقاليد الجاهلية، وإلا فقد كان كبراء قريش أذكى من أن يخفى عليهم ما في عقائدهم من تهافت، وما في الإسلام من تماسك، وأعرف بالقول من أن يغيب عنهم ما في القرآن من سمو وارتفاع وامتياز. وهم الذين لم يكونوا يملكون أنفسهم من الاستماع إليه والتأثر به، على شدة ما يمانعون قلوبهم ويدافعونها!
ولقد كانت الفطرة تدفعهم إلى التسمع والتأثر؛ والكبرياء تدفعهم عن التسليم والإذعان؛ فيطلقون التهم على الرسول يعتذرون بها عن المكابرة والعناد:
{إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلاً مسحورا}..
وهذه الكلمة ذاتها تحمل في ثناياها دليل تأثرهم بالقرآن؛ فهم يستكثرون في دخيلتهم أن يكون هذا قول بشر؛ لأنهم يحسون فيه شيئاً غير بشري. ويحسون دبيبه الخفي في مشاعرهم فينسبون قائله إلى السحر، يرجعون إليه هذه الغرابة في قوله، وهذا التميز في حديثه، وهذا التفوق في نظمه. فمحمد إذن لا ينطق عن نفسه، إنما ينطق عن السحر بقوة غير قوة البشر! ولو أنصفوا لقالوا: إنه من عند الله، فما يمكن أن يقول هذا إنسان، ولا خلق آخر من خلق الله.
{انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا}..
ضربوا لك الأمثال بالمسحورين ولست بمسحور، إنما أنت رسول، فضلوا ولم يهتدوا، وحاروا فلم يجدوا طريقاً يسلكونه. لا إلى الهدى، ولا إلى تعليل موقفهم المريب!
ذلك قولهم عن القرآن، وعن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يتلو عليهم القرآن. كذلك كذبوا بالبعث، وكفروا بالآخرة:
{وقالوا أئذا كنا عظاماً ورفاتاً أئنا لمبعوثون خلقاً جديداً قل كونوا حجارة أو حديداً أو خلقاً مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة فسينغضون إليك رؤوسهم ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريباً يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا}.
وقد كانت قضية البعث مثار جدل طويل بين الرسول صلى الله عليه وسلم والمشركين، واشتمل القرآن الكريم على الكثير من هذا الجدل. مع بساطة هذه القضية ووضوحها عند من يتصور طبيعة الحياة والموت، وطبيعة البعث والحشر. ولقد عرضها القرآن الكريم في هذا الضوء مرات. ولكن القوم لم يكونوا يتصورونها بهذا الوضوح وبتلك البساطة؛ فكان يصعب عليهم تصور البعث بعد البلى والفناء المسلط على الأجسام:
{وقالوا أئذا كنا عظاماً ورفاتاً أئنا لمبعوثون خلقاً جديدا}؟
ذلك انهم لم يكونوا يتدبرون أنهم لم يكونوا أحياء أصلاً ثم كانوا، وأن النشأة الآخرة ليست أعسر من النشأة الأولى. وأنه لا شيء أمام القدرة الإلهية أعسر من شيء، وأداة الخلق واحدة في كل شيء: {كن فيكون} فيستوي إذن أن يكون الشيء سهلاً وأن يكون صعباً في نظر الناس، متى توجهت الإرادة الإلهية إليه.
وكان الرد على ذلك التعجب:
{قل كونوا حجارة أو حديداً أو خلقاً مما يكبر في صدوركم}..
والعظام والرفات فيها رائحة البشرية وفيها ذكرى الحياة؛ والحديد والحجارة أبعد عن الحياة. فيقال لهم: كونوا حجارة أو حديداً أو خلقاً آخر أوغل في البعد عن الحياة من الحجارة والحديد مما يكبر في صدوركم أن تتصوروه وقد نفخت فيه الحياة.. فسيبعثكم الله.
وهم لا يملكون أن يكونوا حجارة أو حديداً أو خلقاً آخر ولكنه قول للتحدي. وفيه كذلك ظل التوبيخ والتقريع، فالحجارة والحديد جماد لا يحس ولا يتأثر، وفي هذا إيماء من بعيد إلى ما في تصورهم من جمود وتحجر!
{فسيقولون من يعيدنا}؟
من يردنا إلى الحياة إن كنا رفاتاً وعظاماً، أو خلقاً آخر أشد إيغالاً في الموت والخمود؟ {قل الذي فطركم أول مرة}..
وهو رد يرجع المشكلة إلى تصور بسيط واضح مريح. فالذي أنشأهم إنشاءً قادر على أن يردهم أحياء. ولكنهم لا ينتفعون به ولا يقتنعون:
{فسينغضون إليك رؤوسهم} ينغضونها علواً أو سفلاً، استنكاراً واستهزاء:
{ويقولون متى هو}: استبعاداً لهذا الحادث واستنكاراً.
{قل عسى أن يكون قريباً}...
فالرسول لا يعلم موعده تحديداً. ولكن لعله أقرب مما يظنون. وما أجدرهم أن يخشوا وقوعه وهم في غفلتهم يكذبون ويستهزئون!
ثم يرسم مشهداً سريعاً لذلك اليوم:
{يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا}..
وهو مشهد يصور أولئك المكذبين بالبعث المنكرين له، وقد قاموا يلبون دعوة الداعي، وألسنتهم تلهج بحمد الله. ليس لهم سوى هذه الكلمة من قول ولا جواب!
وهو جواب عجيب ممن كانوا ينكرون اليوم كله وينكرون الله، فلا يكون لهم جواب إلا أن يقولوا: الحمد لله. الحمد لله!
ويومئذ تنطوي الحياة كما ينطوي الظل: {وتظنون إن لبثتم إلا قليلا}.
وتصوير الشعور بالدنيا على هذا النحو يصغر من قيمتها في نفوس المخاطبين، فإذا هي قصيرة قصيرة، لا يبقى من ظلالها في النفس وصورها في الحس، إلا أنها لمحة مرت وعهد زال وظل تحول، ومتاع قليل.
ثم يلتفت السياق عن هؤلاء المكذبين بالبعث والنشور، المستهزئين بوعد الله وقول الرسول، المنغضين رؤوسهم المتهكمين المتهجمين.. يلتفت عنهم إلى عباد الله المؤمنين ليوجههم الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقولوا الكلمة الطيبة وينطقوا دائماً بالحسنى:
{وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدواً مبينا}.
{وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن} على وجه الإطلاق وفي كل مجال. فيختاروا أحسن ما يقال ليقولوه: بذلك يتقون أن يفسد الشيطان ما بينهم من مودة. فالشيطان ينزغ بين الإخوة بالكلمة الخشنة تفلت، وبالرد السيئ يتلوها فإذا جو الود والمحبة والوفاق مشوب بالخلاف ثم بالجفوة ثم بالعداء. والكلمة الطيبة تأسو جراح القلوب، تندّي جفافها، وتجمعها على الود الكريم.
{إن الشيطان كان للإنسان عدواً مبينا}..
يتلمس سقطات فمه وعثرات لسانه، فيغري بها العداوة والبغضاء بين المرء وأخيه. والكلمة الطيبة تسد عليه الثغرات، وتقطع عليه الطريق، وتحفظ حرم الأخوة آمناً من نزغاته ونفثاته.
وبعد هذه اللفتة يعود السياق إلى مصائر القوم يوم يدعوهم فيستجيبون بحمده، فإذا المصير كله بيد الله وحده، إن شاء رحم، وإن شاء عذب، وهم متروكون لقضاء الله، وما الرسول عليهم بوكيل، إن هو إلا رسول: